الأحد، 11 ديسمبر 2011

قراءة في ( الرسالة الثانية - مع شيخ الجنّ ) للشاعر منتظر السوّادي






أولا النص :


الرسالة الثانية
الموسومة بـــ " مع شيخ الجنِّ "


غمرَ شمسُ الحياةِ حَسَدُ الأعادي ، فَتَبعْثَرتْ صَباحَاتُ فُؤادي ، أحْلامِي جرةٌ تكسرتْ بِحَجَرِ الهجرِ ، قَلبِي تَهَشَّمَ بِسِهامِ نَظرَتِكِ ، فَنَثرْتُهُ لآلئَ عَلَى دُرُوبِ الانتظارِ ، أنصَتتْ رُوحِي لِصَوتِكِ فَذَابَ كيانِي فِي بوتقةِ الهيامِ ، وامتزجت رُوحِي فِي خيوطِ أنوثتكِ المَائِسةِ ، جَمَالُكِ زَاحمَ الشمسَ فأرقَدَها خِدرِها ، والبدرُ خَجلاً رافقَ سريرَه ، علوتِ مكانَها فزادَتِ السَّماءُ بَهاءً ، والأرضُ ضياءً ، لكنَّ ظَلاماً يُطوقني ، وجنونَاً يُبصرني عَوَالِمَ الهيامِ ، وهَمسَ خَيَالٍ يُسامرني ، كُنتُ أسْتَحمُ بشعاعٍ من الشمسِ ... ؛ أأُحرَمُ من بَراءةِ عينيكِ !
دَقَاتُ السَّاعَةِ أَحْلامٌ ، رَقصاتُ العقربِ آمَالٌ ، تذوبُ وتثملُ أَنْغَامَاً لِلسَّهرِ ، الزَّهُورُ بِالنَّدَى تَسْتَحمُ ، وَتَتَمسحُ بِنُورِ الصُّبْحِ ، ثم تلبسُ إكليلَ العِطرِ ، وتَحلَمُ بِثَغرٍ يُقبِلُها – وَنَحلةٍ تتمرغُ بِسَمَاواتِ أَريجِهَا - تَرقِبُ مَن يَقطفُها هَديةً لِقرَّة عينِهِ ، وأزاهيرُ نَافِذَتِي شَاخَتْ ، وَابْيَضَ سَاقُهَا .
الحَبيبةُ فِي عَرائشَ بَابِلَ ، تُرَاقِصُ حَبَّاتِ المَاءِ بِخصلاتِ شَعْرِهَا ، تستنشقُ نَدَى العبيرِ ، ثُم تنفثه قُلُوبَاً فِي نَسَائمَ وردية ، وَتُدَاعِبُ بِأَنَامِلِهَا النَّسيمَ فَتجعلُه غَمَائِمَ سِحرٍ وترسلُه أَنّى شَاءَ الهَوى ، يُسَامرُهَا سَاحِرٌ مِن سَلالةِ نمرود ، لَاهيةٌ وَشَمسُ العُربِ تَغْرِبُ فِي شَعرِها ، تَمرَحُ جَذلى ، وَقَلبِي تَقوسَ ظَهرُه ، يَتكئُ عَلَى أحْلَامٍ مُصفرةٍ ، ويتعثرُ بِأقدَامِ أمانٍ ثَكلَى ، وَتُطفأُ بَسمتَهُ دَمعَةٌ ثَقيلَةٌ أَيْتَمَهَا الدَّهرُ .

أخذتني أُمِّي إلى شَيخِ أطباءِ الجنِّ ، رآني ... فَرَاحَ يُتَمتمُ بِعَجلةٍ مُستعيذاً مِن آلامي ، أخرجَ كومةَ عِظامٍ مِن قَانِصةِ الخفاش المُعَلقة بِذَيلِ عَقْرَبٍ فِي سَقفِ الكُوخِ ، وأخذَ سلسلةَ كَأَنَّها هَيكَلُ أَفعى ، وَبَدأتْ رُوحُه تَمتزجُ مَع أنفاسِ تَعويذاتِه ، لِيَستَحضرَ أَرْواحَ بَابِلَ وسُومر ، ثُم أخرَجَ صُحفَاً دخانية ، مِن تَحتِ سَريرِه ، كُتِبَ عليها بِخطوطٍ ملتويةٍ متشابكةٍ ، كَلامٌ لَا يفهمُه البشر ....
أَصطكت أسنانُهُ من حكاياتي ، ثم رمقَ السماءَ بلحظِه ، فَحدقَ إلى مغيبِ النورِ ، سكنتْ أصابِعُه المائة التي تداعبُ المسبحةَ العظمية ، والفحيحُ من عينيه بَثَّ اليَأسَ في أرجاء ما نأمُلُ ، ذيله خطَّ على التُرابِ خَرائِطَ جنونيةً ، سَقَطَتْ من يدِهِ ، هدأتْ حجرتُه الريشيةُ وكأنَّها من صلدِ الحجرِ ، رعبٌ داهمَ مدينته ، فتجمهرت حولنا أَشباحٌ وَظلالٌ ، عيناهُ الطويلتانِ سُمَّرتا ، وَغَمرَهُمَا الشحوبُ .
ذعرٌ أصابَ أُمي وأرجفَ فُؤادَهَا ، وروحِي كادَتْ تُزهقُ ...

ناديناه ... ثم هممْنَا بالرحيلِ هروباً بأنفسنا ، بغتةً حَضَرَ معاوناه ، وهما يحملانِ قارورةً لا لون لها ، داخلها سائلٌ أُرجواني ، وفيه يعومُ إخطبوط شفاف ، رجُّوها ، وَأَلقَوا داخلَها عظماً لينا أخضَرَ الرأسِ ، تَلَقفَهُ الإخطبوطُ ثُم تحولَ إلى فُقَاعَاتٍ خضراء ، فغسلُوا وجهَه ، وخاتماً يضعُهُ في إصبعِ قَدمِه ، وبعدَ اللتيا والتي أفاقَ ، وقد سُحِرَ شيخُ الجنِّ .

يا عمُ أنبئني ...
قالَ : لا تسلْ ، حُوريةٌ .. مجدولةٌ .. جذلى .. تتغنى بها الطفولةُ عُشقاً و شَباباً ، منها الشمسُ تختبئ خجلاً ، ومن ثغرِها يتناثرُ اليَاسَمين ، يتقاطرُ نُورُ البَدرِ لِيَرسمَ سُلمَاً لِعَرْشِهَا ، تَطْرِبُ الدُّنيا إنْ تَمايَلتْ ، ذُخرِتْ ميزاناً للجمالِ ؛ لستَ وحيداً طَالِبها ، أُمي صفْ لنا دواءً علَّهُ ينالها ...
هيهاتَ لو وُجِدَ لداويتُ نفسي ؛ لكنَّه نظرَ للشَّمسِ هامساً " رفقاً بِعَاشقِكم يَا من تحبونه " ، بَعدَها عَانقني بَاكياً و يُهمهمُ : " صبراً يا فتى فقد يجمعُ اللهُ المحبينِ ، بعد كُلِّ الظَّنِّ أَن لا تلاقيا "

منتظر السوادي 29 / 1 / 2011م .
 
 
ثانيا : القراءة :
الرسالة الثانية الموسومة بــ
 
" مع شيخ الجن " :
 
للكاتب / منتظر السوّادي


الرسالة الأدبية هي مخاطبة الغائب بلسان القلم ..وهي من أعذب الفنون الأدبية لما تحمله من معنى جميل .. " الرسالة "؛ فهي تربط بين أشخاص تبعد بهم الأقطار ويجمعهم الحب والمودة .. . إلا أنها من الفنون التي بدأت في التراجع بسبب تطور العصر وبداية اختفاء الرسائل بمعناها المعروف .. ولكنها تبقى كفن أدبي ذي طابع مميز.

والرسالة التي بين أيدينا الآن على ما تحمله من المعنى الطبيعي للرسالة كما أسلفت فقد كان لأسلوب الكاتب فيها ما يضيف معان أخرى للرسالة من سرد وخيال وحسن تصوير وهذا سيأتي في التحليل التالي ..

العنوان:


الرسالة الثانية الموسومة " مع شيخ الجن ".. يلاحظ المتلقي عند تعرضه لعتبة النص " العنوان " أنه على مقربة من الدخول إلى عالم غرائبي من خلال " شيخ الجن " فيلج المتلقي عالم الجن وليس ذلك فحسب وإنما يؤخذ في معية شيخ الجن ، فينجذب المتلقي منذ البداية كي يتعرف على هذا العالم الغريب الذي هو وشك الدخول فيه .

المرسل والمرسل إليه :

كما يتضح للمتلقي أن المرسل هو الراوي أو البطل لهذة الرسالة وهو يتكلم عن نفسه بلسانه "... فَتَبعْثَرتْ صَباحَاتُ فُؤادي ، أحْلامِي جرةٌ تكسرتْ بِحَجَرِ الهجرِ ، قَلبِي تَهَشَّمَ بِسِهامِ نَظرَتِكِ".. أما المرسل إليه فكما يظهر في مطلع الرسالة " أنصَتتْ رُوحِي لِصَوتِكِ فَذَابَ كيانِي فِي بوتقةِ الهيامِ ، وامتزجت رُوحِي فِي خيوطِ أنوثتكِ المَائِسةِ " فهنا يظهر المرسل إليه وهي المحبوبة التي يكلمها الراوي فيصف لها حاله في حبها وكيف فعل به الوجد والانتظار .. أما المغزى من الرسالة فكما سيتضح لاحقا من خلال تحليل الرسالة وتقسيمها إلى مقاطع .. أنه يصف حالة حبه لمحبوبته فقد يكون ذلك استعطافا لها " رفقاً بِعَاشقِكم يَا من تحبونه " أو فقط مجرد وصف حاله إليها وكيف أنه قد يئس من العلاج عند البشر فتحامل على نفسه وحملته أمه كما الطفل العليل إلى شيخ الجن يطببه "أخذتني أُمِّي إلى شَيخِ أطباءِ الجنِّ ، رآني ... فَرَاحَ يُتَمتمُ بِعَجلةٍ مُستعيذاً مِن آلامي"

المضمون :

تنقسم هذه الرسالة إلى قسمين رئيسين ( المقدمة – الفحوى )

** المقدمة :

يصف الراوي حالته النفسية على أثر انتظار محبوبته التي طال غيابها ويرد ذلك لحسد الأعادي في صور غاية في الإبداع كما سيتضح لاحقا ، فها هو فؤاده مبعثر وأحلامه تكسرت وقلبه تهشم قد تعلقت روحه بأصداء صوتها الناعم وذاب كيانه في أنوثتها المائسة ويأخذ يعلل ما أصابه فهذه المحبوبة طاغية الجمال قد غطى جمالها على الشمس والقمر وحازت ضياءهما جَمَالُكِ زَاحمَ الشمسَ فأرقَدَها خِدرِها ، والبدرُ خَجلاً رافقَ سريرَه ، علوتِ مكانَها فزادَتِ السَّماءُ بَهاءً ، والأرضُ ضياءً ، لكنَّ ظَلاماً يُطوقني"فلما غابت عنه اسودت الدنيا في عينيه وصار هائما على وجهه أأُحرَمُ من بَراءةِ عينيكِ

ويبدأ الراوي يقارن بين حاله وحال ما حوله في شكل ثنائية ضدية ( الوحدة والحزن من جهة البطل - الفرح والاجتماع من جهة الطبيعة ) : دَقَاتُ السَّاعَةِ أَحْلامٌ ، رَقصاتُ العقربِ آمَالٌ ، تذوبُ وتثملُ أَنْغَامَاً لِلسَّهرِ " فهذا هو حاله الذي يسيطر عليه الترقب لظهور محبوبته التي طال غيابها بينما الطبيعة حوله ، "الزَّهُورُ بِالنَّدَى تَسْتَحمُ ، وَتَتَمسحُ بِنُورِ الصُّبْحِ ، ثم تلبسُ إكليلَ العِطرِ ، وتَحلَمُ بِثَغرٍ يُقبِلُها – وَنَحلةٍ تتمرغُ بِسَمَاواتِ أَريجِهَا - تَرقِبُ مَن يَقطفُها هَديةً لِقرَّة عينِهِ " أما طبيعته وأزهاره هي قد هرمت حتى ماتت على نافذة انتظاره ،" وأزاهيرُ نَافِذَتِي شَاخَتْ ، وَابْيَضَ سَاقُهَا"

وبينما هو على هذه الحال إلا أن محبوبته على العكس منه تماما " الحَبيبةُ فِي عَرائشَ بَابِلَ ، تُرَاقِصُ حَبَّاتِ المَاءِ بِخصلاتِ شَعْرِهَا ، تستنشقُ نَدَى العبيرِ ، ثُم تنفثه قُلُوبَاً فِي نَسَائمَ وردية ، وَتُدَاعِبُ بِأَنَامِلِهَا النَّسيمَ فَتجعلُه غَمَائِمَ سِحرٍ وترسلُه أَنّى شَاءَ الهَوى... " فلا تعبأ بحاله وما صار إليه مآله وَقَلبِي تَقوسَ ظَهرُه ، يَتكئُ عَلَى أحْلَامٍ مُصفرةٍ ، ويتعثرُ بِأقدَامِ أمانٍ ثَكلَى ، وَتُطفأُ بَسمتَهُ دَمعَةٌ ثَقيلَةٌ أَيْتَمَهَا الدَّهرُ"

** الفحوى:

بعدما وصف حالته النفسية وكيف أصابه اليأس من الحياة رغم شبابه وانطفأت جذوة الأمل والأحلام .. حارت في حاله أمه فاخذته إلى شيخ أطباء الجن بعد أن يأس من العلاج عند البشر وهذا ما يستشفه المتلقي من العالم الذي اضطر البطل الدخول إليه .. أخرجَ كومةَ عِظامٍ مِن قَانِصةِ الخفاش المُعَلقة بِذَيلِ عَقْرَبٍ فِي سَقفِ الكُوخِ ، وأخذَ سلسلةَ كَأَنَّها هَيكَلُ أَفعى ، وَبَدأتْ رُوحُه تَمتزجُ مَع أنفاسِ تَعويذاتِه ، لِيَستَحضرَ أَرْواحَ بَابِلَ وسُومر ، ثُم أخرَجَ صُحفَاً دخانية ، مِن تَحتِ سَريرِه ، كُتِبَ عليها بِخطوطٍ ملتويةٍ متشابكةٍ ، كَلامٌ لَا يفهمُه البشر" فهو عالم خليطه الغرابة والرعب به حيوانات ميتة و
أخرى سامة وثالثة مخيفة الطلعة وصحف من دخان بها كلام ملتو مطلسم لا يفهمه البشر ثم ما لبث أن شاركه هذا الجني على منظره وجوه المخيف آلامه فازداد الأمر سوءا " فَحدقَ إلى مغيبِ النورِ ، سكنتْ أصابِعُه المائة التي تداعبُ المسبحةَ العظمية ، والفحيحُ من عينيه بَثَّ اليَأسَ في أرجاء ما نأمُلُ ، ذيله خطَّ على التُرابِ خَرائِطَ جنونيةً ، سَقَطَتْ من يدِهِ .. رعبٌ داهمَ مدينته ، فتجمهرت حولنا أَشباحٌ وَظلالٌ ، عيناهُ الطويلتانِ سُمَّرتا ، وَغَمرَهُمَا الشحوبُ ."

فهمّ البطل وأمه بالهرب .. لكنه سأل شيخ الجن في النهاية عن حالته فأخذ يشخص له العلة قالَ : لا تسلْ ، حُوريةٌ .. مجدولةٌ .. جذلى .. تتغنى بها الطفولةُ عُشقاً و شَباباً ، منها الشمسُ تختبئ خجلاً ، ومن ثغرِها يتناثرُ اليَاسَمين" اما عن الدواء "هيهاتَ لو وُجِدَ لداويتُ نفسي"

والمفارقة الكبيرة أن شيخ الجن هذا المفترض منه العلاج انه هوالآخر واقع تحت تأثير سحر هذه المحبوبة فعانق البطل باكيا ! .. صبراً يا فتى فقد يجمعُ اللهُ المحبينِ ، بعد كُلِّ الظَّنِّ أَن لا تلاقيا
وهذا يشبه قول الشاعر ابن الدمينة "وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما ... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا"
لتكون الخاتمة جزلة تاركة في المتلقي أثرا نفسيا كما البطل وهذا يحسب للكاتب


اللغة :

وهي أهم ما يميز الرسالة أولا اللغة ملائمة جدا للجو العام .. الوحدة والحزن واليأس والسقم
..ويظهر في مطلع الرسالة أن الأفكار متوالدة والكلمات متتابعة والمقاطع قصيرة تسلم بعضها .. ولا يوجد كلمات مكررة الألفاظ سهلة جزلة جدا بليغة في مواضع كثيرة "غمرَ شمسُ الحياةِ حَسَدَ الأعادي ، فَتَبعْثَرتْ صَباحَاتُ فُؤادي ، أحْلامِي جرةٌ تكسرتْ بِحَجَرِ الهجرِ ، قَلبِي تَهَشَّمَ بِسِهامِ نَظرَتِكِ ، فَنَثرْتُهُ لآلئَ عَلَى دُرُوبِ الانتظارِ ، أنصَتتْ رُوحِي لِصَوتِكِ فَذَابَ كيانِي فِي بوتقةِ الهيامِ ، وامتزجت رُوحِي فِي خيوطِ أنوثتكِ المَائِسةِ "

هناك استخدام للسجع غير متكلف في مواطن قليلة .. "علوتِ مكانَها فزادَتِ السَّماءُ بَهاءً ، والأرضُ ضياءً" ----" أخذتني أُمِّي إلى شَيخِ أطباءِ الجنِّ ، رآني ... فَرَاحَ يُتَمتمُ بِعَجلةٍ مُستعيذاً مِن آلامي"

الرسالة مليئة بالتصوير الراقي من استعارة وتشبيهات بليغة والتي تصف الحالة النفسية للبطل في الرسالة وما فعله به الانتظار من أفاعيل مثل : أحْلامِي جرةٌ تكسرتْ بِحَجَرِ الهجرِ --- قَلبِي تَهَشَّمَ بِسِهامِ نَظرَتِكِ

كما استخدم الكاتب الصور في شكل ثنائيات ضدية حيث يصف اولا الفرق بين حاله وحال الطبيعة حوله ليبين مدى غربته وأنه حتى الطبيعة لا تشاطره أحزانه كما هي العادة في الكثير من النصوص الزَّهُورُ بِالنَّدَى تَسْتَحمُ ، وَتَتَمسحُ بِنُورِ الصُّبْحِ ، ثم تلبسُ إكليلَ العِطرِ ، وتَحلَمُ بِثَغرٍ يُقبِلُها – وَنَحلةٍ تتمرغُ بِسَمَاواتِ أَريجِهَا - تَرقِبُ مَن يَقطفُها هَديةً لِقرَّة عينِهِ ----" وأزاهيرُ نَافِذَتِي شَاخَتْ ، وَابْيَضَ سَاقُهَا" .

كذلك الفرق بين حاله وحال محبوبته ليظهر مدى يأسه وعذاباته في مقابل عدم مبالاتها "..تُدَاعِبُ بِأَنَامِلِهَا النَّسيمَ فَتجعلُه غَمَائِمَ سِحرٍ وترسلُه أَنّى شَاءَ الهَوى ، يُسَامرُهَا سَاحِرٌ مِن سَلالةِ نمرود ، لَاهيةٌ وَشَمسُ العُربِ تَغْرِبُ فِي شَعرِها ، تَمرَحُ جَذلى ،---- وَقَلبِي تَقوسَ ظَهرُه ، يَتكئُ عَلَى أحْلَامٍ مُصفرةٍ ، ويتعثرُ بِأقدَامِ أمانٍ ثَكلَى ، وَتُطفأُ بَسمتَهُ دَمعَةٌ ثَقيلَةٌ أَيْتَمَهَا الدَّهرُ

يظهر الخيال والتصوير الدقيق رائعا في وصف عالم الجن الغرائبي " .. بغتةً حَضَرَ معاوناه ، وهما يحملانِ قارورةً لا لون لها ، داخلها سائلٌ أُرجواني ، وفيه يعومُ إخطبوط شفاف ، رجُّوها ، وَأَلقَوا داخلَها عظماً لينا أخضَرَ الرأسِ ، تَلَقفَهُ الإخطبوطُ ثُم تحولَ إلى فُقَاعَاتٍ خضراء ، فغسلُوا وجهَه ، وخاتماً يضعُهُ في إصبعِ قَدمِه ، وبعدَ اللتيا والتي أفاقَ ، وقد سُحِرَ شيخُ الجنِّ!"


كان رائعا تشكيلُ الكلمات حيث اكسب النص حلية جميلة .. وهذا يجعل المتلقي ينتبه إلى العلامات والإعراب .. وكان الكاتب موفقا في بعضها لكنه أخفق في كلمات بسيطة في الإعراب وبنية الكلمات وكذلك علامات الترقيم مما شكل بعض الإرباك للقارئ في التعرف على المتكلم من المخاطب ..
لك كل الشكر
أ / منتظر السوّادي
دام قلمك مبدعا

هناك تعليق واحد:

  1. مشكور جداً
    مدونه الاختراع ابداع بلا حدود كونكر برفيت سيرفر
    smart-inv.blogspot.com

    ردحذف