السبت، 10 ديسمبر 2011

قراءة على نص ( زمن الصبايا والسّبايا والمرايا المغلوطة الملامح) للشاعر التونسي عمر البوزيدي

هو زمن الصبايا والسّبايا والمرايا المغلوطة الملامح...

*****


لا مكان للحب في زمن الثورات المبتورة...
لامكان ولازمان للعواطف البريئة.
تنطلق الرصاصة بين الشريان والشريان
كما تفعل الفتنة بين الأصحاب والخلاّن
فتخلّف دمارا لا تقدر البسيطة على استيعاب ما يخفون وما يعلنون
من حمل لقيط...
هو زمن الصبايا والسّبايا والمرايا المغلوطة الملامح...
ضاع الرعاع واخوة يوسف بين غلمان الملك وترانيم الكهنة والرهبان...
لا مكان للعواطف يا حبيبي لا مكان لمدارات العشق والهيام...
هو زمن العواصف الهوجاء الاّ من أمطار شتويّة الملامح...
شحيحة أخبارنا مكسورة أمصارنا معلولة ومبتورة مصادر أخبارنا...
هي الفتنة هوالعشق الممنوع والمخدوع والملدوغ من خلال أفاعي قابيل...
كلّنا هابيل يا حبيبي كلّنا منّاع للخير سمّاع للغثّ والسّمين أكّال للسّحت
مفتر أثيم...
كنّا قبل الثّورة فقراء من الاصداع بالأفكار والأنوار والثّروات...
أمّا بعدها فنحن نحتاج كلّ ما سلبنا آنفا مع نقص حادّ في الأمن والصّبر...
هذا زمان عار من كلّ الفضائل فلا صدق ولا قول ولا اخلاص ولا عمل...
هو زمن الهرج والمرج والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق هو زمن ضيّع فيه الأذان
فصرنا أحوج لأيّام آمان يا للنّي أمان
...
( عمر البوزيدي )
قراءتي النقدية:

قراءتي على نص أ / عمر البوزيدي
" هو زمن الصبايا والسبايا والمرايا المغلوطة الملامح"

أجل إنه "زمن الصبايا .. والسبايا .. والمرايا " وهكذا كنت أفضل العنوان اكثر وكذلك السطر الذي يتوسط النص حاملا نفس الكلمات .. كان سيكون أكثر تعبيرا في إيجازه ..والسبب في ذلك أن لا تذكر المرايا إلا وتذكر بالعلاقة المحتومة بين الحقيقة والزيف وبين ما هو صواب ومغلوط

إن المشهد الذي يجسده ذلك النص النثري الذي يشبه البوح إلى حد كبير هو مشهد الثورات العربية والتي لا يزال الكثيرون ويحق لهم ذلك .. يتوجسون مما سيؤول إليه الأمر وكيف ستتبدل الأحوال .. والسبب الرئيسي وراء ذلك هم الناس .. فالناس غير الناس والأخلاق غير الأخلاق وهذا ما يوضحه الكاتب في أكثر من موضع
:" لا مكان للعواطف يا حبيبي .. هو زمن العواصف الهوجاء شحيحة أخبارنا مكسورة أمصارنا معلولة ومبتورة مصادر أخبارنا " ويضع الكاتب يده على داء الناس بمهارة عند قوله :" هي الفتنة هوالعشق الممنوع والمخدوع والملدوغ من خلال أفاعي قابيل...كلّنا هابيل يا حبيبي .. كلّنا منّاع للخير سمّاع للغثّ والسّمين أكّال للسّحت ..مفتر أثيم..." ..

( العشق الممنوع – المخدوع – الملدوغ ) كلها وصوفات حقيقية لشعوب مغيبة عقولها يسهل خداعها وإطعامها السم في الدسم ...فكيف لأمثال هؤلاء نقل الحال إلى ما هو أفضل وهذه الأدواء العضال تفت فيهم ... وهم لا يشعرون
والذي يلخص فيه الأدواء أيضا قوله :
"هذا زمان عار من كلّ الفضائل فلا صدق ولا قول ولا اخلاص ولا عمل...هو زمن الهرج والمرج والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق"

وهنا تتجلى علاقة العنوان بالنص :
فقد ذكر الكاتب في العنوان انه زمن الصبايا .. فأين الرجال لهذه الأمة ؟! .. والسبايا.. فأين الحرائر اللائي ينجبن أحرار النفس الملجمين شهواتهم الدنيوية .. والمرايا إذا ما ادرجت في نص فإنها دائما ما تحمل العلاقة بين الحقيقة والباطل .. بين الفكرة الحقيقية والفكرة المغلوطة .. وهل كل ما تعكسه المرايا يكون صحيحا دائما أم أن هناك عوامل أخرى تتدخل وتؤثر في المشهد النهائي .. فكيف الاهتداء في النهاية للحقيقة المجردة .. ويبدو ان هذا صعب جدا فالاخبار شحيحة مكسورة – الأمصار معلولة – مصادر الخبار مبتورة


أعجبني في النص .. أولا :الحس العالي جدا للكاتب والذي يصور القلق الشديد على الوضع الحالي لأوطاننا ومجتمعاتنا .وما يعصف بها من فتن

ثانيا : وجود عدد من الصور الجميلة التي تجسد حال الفتنة الواقع فيها الناس :
"تنطلق الرصاصة بين الشريان والشريانكما تفعل الفتنة بين الأصحاب والخلاّن فتخلّف دمارا لا تقدر البسيطة على استيعاب ما يخفون وما يعلنونمن حمل لقيط..."
ثالثا جزالة العبارة في أكثرمن موضع كما أسلفت

رابعا الميل إلى اللفظ القرآني في أكثر من موضع مثل :" مناع للخير – أكال للسحت – اثيم " وأيضا بعض الفاظ النبي صلى الله عليه وسلم الهرج – المرج – والفاظ كان يستخدمها في دعائه
" اللهم إني اعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق .."

لكن كان هناك تكرار لبعض الكلمات .. ولا يعذر ان يسمح بذلك لكونه بوحا وإنما التكرار لبعض الكلمات في نفس السطر قد يعطي شيئا من الرتابة مثل " مبتورة – أخبارنا - زمن – زمان "

كما كان لابد من العناية بعلامات الترقيم في عدة مواضع لأنها تيسر القراءة كثيرا وتعطي للنص شكلا أفضل

شكرا لك أستاذنا المبدع عمر البوزيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق